د/ صلاح الراشد |
أمثله عن قصص السرنديب وكيفيه حدوثه
مواقف من حياه الدكتور صلاح راشد
يقول الدكتور صلاح لما كنت في السادسة عشر من عمري، رحلت إلى بريطانيا للدراسة،
كنت مسجلاً في سكن داخلي. وصلت لندن، وأخذت الباص إلى محطة القطارات الرئيسية ثم أخذت القطار إلى منطقة Broadstairs وكان القياس من ابن خالتي الذي رتب لي الموضوع أنها مدينة صغيرة تأتي بعد محطة Margate، وهي مدينة صغيرة أيضاً كنت أعرفها من خلال زياراتي مع العائلة لها، إذ كانت فيها مدينة ملاهي وألعاب. بعد ساعة ونصف تقريباً وصل القطار إلى مدينة Margate. تأهبت وفوراً نزلت في المحطة التي تليها وهي مدينة Broadstairs حيث سأسكن في مدرسة خاصة اسمها Selwyn House.
كنت مسجلاً في سكن داخلي. وصلت لندن، وأخذت الباص إلى محطة القطارات الرئيسية ثم أخذت القطار إلى منطقة Broadstairs وكان القياس من ابن خالتي الذي رتب لي الموضوع أنها مدينة صغيرة تأتي بعد محطة Margate، وهي مدينة صغيرة أيضاً كنت أعرفها من خلال زياراتي مع العائلة لها، إذ كانت فيها مدينة ملاهي وألعاب. بعد ساعة ونصف تقريباً وصل القطار إلى مدينة Margate. تأهبت وفوراً نزلت في المحطة التي تليها وهي مدينة Broadstairs حيث سأسكن في مدرسة خاصة اسمها Selwyn House.
وصلت الأحد ليلاً. نزلت من القطار، وأظنه كان آخر قطار في اليوم. وجدت سيارة أجرة صغيرة. أخبرته أن يأخذني إلى العنوان التالي، وكان هذا عنوان المدرسة الداخلية. ذهب بي إلى المدرسة فإذا هي مغلقة. لم يكن بها أحد (كانت هذه الفترة قبل بداية العام الدراسي - أواخر الصيف، وعلى أساس يبدأ استقبال الطلبة غداً الأثنين).
قال لي: School Closed (المدرسة مغلقة الآن).
قلت له: No leave, please! لم أكن أتقن الإنجليزية.
ترجيته ألا يتركني في الشارع وحدي في منطقة لا أعرف فيها شيء. أقترح علي Motel (فندق صغير).
قلت له: OK!
لم يكن في المنطقة وقتها إلا فندقين أو ثلاثة صغار جداً. ذهبنا لهم، كان أحدهم مغلقاً والبقية لا غرف عندهم!
صلاح: Please no leave me here! صرت أكرر له.
الرجل: (نظر إلي وربما كان يقول في نفسه "ما هذه البلوة التي تحذفت علي؟"): لا سكن! ماذا نفعل؟
قال لي: School Closed (المدرسة مغلقة الآن).
قلت له: No leave, please! لم أكن أتقن الإنجليزية.
ترجيته ألا يتركني في الشارع وحدي في منطقة لا أعرف فيها شيء. أقترح علي Motel (فندق صغير).
قلت له: OK!
لم يكن في المنطقة وقتها إلا فندقين أو ثلاثة صغار جداً. ذهبنا لهم، كان أحدهم مغلقاً والبقية لا غرف عندهم!
صلاح: Please no leave me here! صرت أكرر له.
الرجل: (نظر إلي وربما كان يقول في نفسه "ما هذه البلوة التي تحذفت علي؟"): لا سكن! ماذا نفعل؟
صار يخبرني، وأنا أحاول الفهم، بأنه مضطر للذهاب للبيت وعلي أن أتدبر أمري، وأنا صرت أبكي، لكني أخفي دموعي، من الخوف في وسط شارع مظلم. مر رجل معه كلب يمشيه في الليل. كان هذا هو الشخص الوحيد الذي رأيته في الشارع. صار يتحدث معه، ربما كان يقول له: هذا الفتى تورطت فيه، لا يعرف الإنجليزية جيداً، ولا يوجد سكن له .. الخ. توجه الرجل لي.
الرجل: كم تدفع لليلة في السكن؟
صلاح: Five pounds.
الرجل: OK. OK. come with me.
الرجل: كم تدفع لليلة في السكن؟
صلاح: Five pounds.
الرجل: OK. OK. come with me.
وذهبت معه على أساس أنام في بيتهم بقيمة خمسة جنيهات حتى الصباح، ومن ثم أذهب للمدرسة عندما تفتح. أخذني إلى بيته (لم يكن عندي خيار آخر، كانت الأحداث تسوقني إلى اللاخيار).
عرفني على زوجته وابنه. بدلاً من ليلة عشت معهم ثلاث سنوات من أجمل الأيام!! كانت هذه عائلة Tobin التي احتوتني في دراستي في بريطانيا.
لم تكن المدرسة جيدة ولم أرتح لها (أغلقت فيما بعد). كان السيد توبين الذي كنت أناديه Uncle عمي يمتلك صالوناً للحلاقة. قلت لمارجريت - أمي - أني أريد أن أدخل Thanet Technical College. وكانت المدرسة قريبة من البيت غير أنها لا تقبل الأجانب.
كانت مارجريت تحبني جداً، وتبكي عندما أسافر، وتقوم على خدمتي أكثر مما تخدم ابنها أخي ديفيد. قالت لي: سأكلم السيد توبين. كلمته، فقال أن مدير المدرسة يحلق عنده في الصالون من وقت لآخر! ووعد أن يكلمه. بعد فترة أخذني السيد توبين إلى المدرسة التي كانت من أقوى المدارس الملكية الإنجليزية الراقية. لم أكن أتوقع أنها بهذا الحجم والضخامة والجودة.
المهم كلم السيد توبين زبونه مدير المدرسة (وساطة يعني!). وافق على شرط أن أجتاز اختبار الإنجليزية والرياضيات. قدمت الاختبارات ولم اجتاز الدرجة الممطلوبة. بكيت عند مارجريت. توعدت كما يتوعد العربي أن تجبر السيد توبين. "ماذا أفعل لصلاح إذا كان ما اجتاز الاختبار؟"، رد السيد توبين. "ما لي علاقة بهذا الموضوع، صلاح راح يدخل هذه المدرسة"، ردت بحماسة مارجريت. "OK .. OK .. I will try again"، كان رضوخ السيد توبين. في اليوم التالي ذهب إلى المدرسة وأقنع السيد مدير المدرسة، وتم قبولي فيها! مكثت فيها إلى أن قدمت الاختبارات النهائية ثم السفر لأمريكا. كنت انا العربي الوحيد فيها بين ألف طالب تقريباً.
قدومي بليلة قبل موعد الدراسه ، عدم نزولي في السكن الداخلي، قدوم العم توبين، وجود المدرسة قرب البيت، كون مدير المدرسة الراقيه زبوناً لصالون العم توبين ودخولي المدرسة .. كل هذا سرنديب. إن هذا السرنديب مثال لما ممكن أن يحصل لنا دون تدخل قوي منا. أحداث كثيره غير متوقعه ولا مرتبه تتسلسل وتقود لشيء هو هدفنا وافضل
قصة سرنديب أخرى:-
في سنة التخرج من الجامعة أخبرني المستشار (Advisor) بأن علي أن آخذ أربع مواد في الآداب والإنجليزية لإكمال متطلبات التخرج، فاضطررت للتسجيل في مادتين إنجليزي ومادتين في الخطابة وأخرى في الإقناع لتلبية متطلبات التخرج. في مادة الإقناع كان مطلوباً أن تلقي ستة عروض مقنعة للفصل، وعلى الفصل ومعهم البرفسور أن يناقشك وعليك أن تقنعهم.
قدمت أنا شيئاً تقليدياً في اللقاء الثاني أو الثالث. في اللقاء الرابع حضر معنا شاب سعودي. لم أره من قبل ولا أعرفه. قام أمام الفصل وقدم عرضاً مبهراً. كان معه صديقه يساعده وقاما بتكسير الزجاج أمامنا وخلع ملابسه وحذاءه ثم مشى على الزجاج بقدميه الحافيه ونام عليه بظهره المكشوف، ثم قام دون أي أثر عليه.
أنا في ذلك الوقت كنت متديناً (التدين التقليدي) وكان عندي 9 من بين 10 تفسيرات للأشياء الغريبة دائماً هي الجن!
وكنت تلقائياً أفسر حدثاً مثل هذا على أنه جن وتلبس وشياطين. لكن كان أيضاً عندي اعتقاد أن هذا الفعل من الاستعانة بالجن يندر في السعوديين، فاحترت، فقلت أسأله بعد الفصل. بعد الانتهاء من المحاضرة ذهبت للشاب السعودي وكان يكبرني، فسألته عن هذه القدرة. فنظر إلى بشفقة ثم قال لي: هل تحب القرأه ؟ قلت: نعم. قال: التقيني غداً أعطيك شيئاً.
وكنت تلقائياً أفسر حدثاً مثل هذا على أنه جن وتلبس وشياطين. لكن كان أيضاً عندي اعتقاد أن هذا الفعل من الاستعانة بالجن يندر في السعوديين، فاحترت، فقلت أسأله بعد الفصل. بعد الانتهاء من المحاضرة ذهبت للشاب السعودي وكان يكبرني، فسألته عن هذه القدرة. فنظر إلى بشفقة ثم قال لي: هل تحب القرأه ؟ قلت: نعم. قال: التقيني غداً أعطيك شيئاً.
في الغد ألتقيته. أعطاني كتابين وقال لي: اقرأهما ثم نتحدث بإذن الله. الكتابان كانا Positive Thinking لكاتبين قديمين يتحدثان عن قوة التفكير الإيجابي، والثاني The Power of the Subconscious Mind لجوزيف ميرفي (Murphy).
لما قرأت الكتابين صدمت! لم أسمع بحياتي مثل هذا الكلام. وفُتح لي باب عظيم فقرأت آلآف الكتب بعدها في هذا التخصص، وأخذت الدورات، وكتبت مقالات، وأخرجت إصدارات، وقدت حركة التنمية الذاتية في الخليج ثم في الشرق الأوسط، وجلبت العشرات من المدربين العالميين، ودربت مئات من المختصين وغير المختصين والمدربين، وبلغت مبيعات إصداراتنا (الشرعية) أكثر من مليوني إصدار، وبلغت إصداراتنا المجانية أكثر من عشرة مليون قراءة أو سماع أو اقتناء، واستجابت معظم مؤسسات دول الخليج للمخططات التي وضعتها في التنمية والموارد البشرية، وصارت الفنون الحديثة مقبولة بل صارت هي دليل الوعي من عدمه، وفُتحت قنوات فضائية، ومعارض، ومهرجانات، وعالم لم يعد كما كان من قبل خمسة عشر سنة.
كل هذا بسبب محاضرة وكتابين وقرار! لم أرى هذا الشخص من قبل ولا رأيته بعدها بتاتاً ولا أعرفه ولم يعد للفصل مرة أخرى بعد هذا العرض. كما لم يعد هذان الكتابان مؤثران اليوم، فهما كتابان في غاية التواضع بمستوى الموجود اليوم في الأسواق.
هذه القصة مثال للسرنديب. التسجيل في الفصل اضطراراً من قبل الجامعة، قدوم الشاب السعودي، اعطائي الكتابين، ثم تسلسل الوعي والقراءة والاطلاع .. الخ.
تخيل لو كانت حياتك تسير بهذه الطريقة؟! دعنا نتدارس معاً الكيفية. من هنا وحتى ندرسها بعمق أريد من طلبتي وأحبائي ملاحظة "الصدف" أو التركيبات التي تحصل في الأيام القادمة.
اعمل التالي: توقف فور حدوث الحدث السرنديبي أو بعده فوراً ثم دوّن أفكارك قبلها، والمكان، والزمان، والوقت، والأشياء التي قمت بها .. الخ. أكبر قدر من المعلومات .. ويوميا دون الأحداث وراقبها فقط ولا تحكم عليها ولا تعترض